تحليل شامل لتاريخ وإنتاج واحتياطيات النفط والغاز السوري عبر المراحل التاريخية المختلفة وتأثير الحرب الأهلية والعقوبات الدولية على القطاع
يقع قطاع النفط والغاز في سوريا في قلب اقتصاد البلاد منذ اكتشاف أول الحقول التجارية في منتصف القرن العشرين. ورغم أن سوريا لا تُعد منتجاً كبيراً مقارنة ببعض الدول العربية، فإن إيرادات النفط والغاز كانت تشكل حوالي 20% من إيرادات الحكومة قبل الحرب الأهلية1. لم تبدأ عمليات التنقيب الفعلية إلا في ثلاثينيات القرن الماضي، وتطور القطاع تدريجياً إلى أن أصبح مصدراً رئيسياً للعملات الأجنبية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ثم تعرض لتراجع شديد مع بداية الحرب في عام 2011، وانهار تقريباً خلال السنوات اللاحقة.
خلال فترة الانتداب الفرنسي، أُجريت أولى محاولات التنقيب عن النفط في سوريا عام 1933 عندما بدأت شركة Tracy Petroleum Company (كونسورتيوم يضم شل، بي بي، إكسون موبيل، توتال وتوبيكيان) عمليات الحفر2. بعد الاستقلال، طلب الرئيس السوري شكري القوتلي من رجل الأعمال الأمريكي جيمس موني القدوم للتنقيب عن النفط، مما أدى إلى اكتشاف حقل كراتشوك عام 1956 بإجمالي احتياطي يقدر بأكثر من 1 مليار برميل5.
في 1965 أصدرت الحكومة السورية قرارات جديدة بتأميم تسع شركات نفطية، وتأسيس المؤسسة العامة للنفط (لاحقاً الشركة السورية للنفط) لتصبح الدولة المالك الرئيسي في القطاع8. أصبحت سوريا مصدرة للنفط عام 1968 بعد الانتهاء من خط الأنابيب بطول 663 كم لنقل النفط إلى ميناء طرطوس. بلغ إنتاج سوريا ذروته في منتصف التسعينيات، حيث اقترب من 610 ألف برميل/يوم13.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، سمحت سوريا بإعادة دخول الشركات الأجنبية ضمن اتفاقيات تقاسم الإنتاج. فازت شركات بكتن/شل وديمينكس بامتيازات كبيرة في دير الزور، إلى جانب شركات أمريكية أخرى مثل شيفرون وماراثون15. لكن الإنتاج استمر في التراجع بسبب نضوب الحقول القديمة وتأخر الاستكشافات.
أدت الحرب الأهلية والعقوبات الدولية إلى انخفاض الإنتاج النفطي بنسبة 93% بين عامي 2011 و2018، من 383 ألف برميل/يوم إلى 24 ألف برميل/يوم20. سيطرت داعش على معظم حقول النفط في شرق سوريا من 2013 حتى 2018 حيث استخرجت نحو 40-34 ألف برميل/يوم وباعته بأسعار تتراوح بين 25 و 45 دولاراً للبرميل24.
في أواخر 2024، أدت التغيرات السياسية إلى تشكيل حكومة انتقالية في دمشق. وفقاً للمجلس الأطلسي، بلغ إنتاج النفط مع سقوط النظام حوالي 40 ألف برميل/يوم، وأن إيران كانت توفر ما يصل إلى 100 ألف برميل/يوم من النفط مجاناً لنظام الأسد حتى ديسمبر 202435.
السنة | الإنتاج | ملاحظات |
---|---|---|
1995 (ذروة) | 610,000 | الذروة التاريخية للإنتاج السوري13 |
2001 | 581,000 | انخفاض مقارنة بالذروة16 |
2009 | 375,000 | استمرار انخفاض الإنتاج17 |
2010 | 383,000 | إنتاج النفط قبل الحرب الأهلية18 |
2018 | 24,000 | انخفاض بنسبة 93% مقارنة بـ201120 |
2025 (تقديري) | 110,000 | موزعة بين الحكومة الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية37 |
اسم الحقل | سنة الاكتشاف | الاحتياطي التقديري | ملاحظات |
---|---|---|---|
حقل العمر | 1987 | 760 مليون برميل | أكبر حقل نفطي في سوريا |
حقت اللنك | قبل 2011 | 250 مليون برميل | - |
حقل السويدية | 1958 | 248.5 مليون برميل | شكل ثلث الإنتاج السوري |
حقل الشاعر للغاز | السبعينيات | 30 مليار م³ غاز | أكبر حقول الغاز |
حقل جدار للغاز | 2001 | 25-30 مليار م³ غاز | - |
يبيّن استعراض تاريخ قطاع النفط والغاز في سوريا من 1900 إلى 2025 أن البلاد انتقلت من محاولات التنقيب غير المثمرة تحت الانتداب الفرنسي إلى اكتشافات ناجحة في الخمسينيات، ثم إلى مرحلة من التوسع وإدارة الدولة للقطاع بعد التأميم في الستينيات، تلتها ذروة إنتاج في منتصف التسعينيات. منذ عام 2011 تعرّض القطاع لانهيار حاد نتيجة الحرب الأهلية والعقوبات، فانخفض إنتاج النفط بنسبة تزيد على 90% وتضررت البنية التحتية بشكل بالغ. على الرغم من ذلك، يشير تخفيف العقوبات وإنشاء حكومة انتقالية عام 2025 إلى إمكانية بدء مرحلة جديدة. يحتاج هذا المستقبل إلى إعادة بناء الثقة والاستثمار، وعقد اتفاقات شاملة مع الأطراف المحلية والدولية، وتطبيق سياسات شفافة تضمن استفادة الشعب السوري من هذه الثروة.