تظهر الصورة الحالية أن مشاريع الغاز الحيوي في سوريا تتركز في عدد من المبادرات النموذجية، أبرزها:

• هاضم مبقرة حمص: مشروع ريادي بطاقة تخمير تقارب ١٣٠ م³ من روث الأبقار، يغطي نحو ٤٠٪ من احتياجات المبقرة الكهربائية، ويولد في الوقت نفسه سماداً عضوياً عالي الجودة.
• سلسلة هواضم السويداء: نحو ١٩ هاضماً منزلياً نفذها المركز الوطني لبحوث الطاقة بالتعاون مع أكساد لتعريف الأسر الريفية بالتقنية وإنتاج الغاز لأغراض الطبخ والتدفئة.
• وحدات البيوغاز في قرى ريف حمص: بدعم من منظمة الفاو استفاد مربو الثروة الحيوانية من وحدات صغيرة تؤمن جزءاً من احتياجاتهم اليومية من الغاز والسماد.
• قرية قطرة الريحان: نموذج قرية تنموية تستخدم الهاضم الحيوي لتحويل روث الأبقار إلى غاز منزلي وسماد سائل، مع خطط لتعميم التجربة على ٢٢ قرية أخرى.

هذه المشاريع تبين أن التقانة قابلة للتطبيق تحت الظروف المحلية، لكنها لا تزال في مرحلة “النماذج المنتشرة” وليست بعد جزءاً من سياسة وطنية واسعة النطاق. من هنا تبرز أهمية توثيق هذه المشاريع ومتابعة نتائجها كقاعدة بيانات أولية لأي توسع مستقبلي.

تشير التقديرات إلى أن سوريا تمتلك أكثر من ٣٧٩ مليون طن سنوياً من الكتلة الحيوية القابلة للتحويل إلى طاقة، ما يعادل تقريباً ٤.٦ مليار م³ من الغاز الحيوي سنوياً.

هذا الحجم من الغاز يمكن أن يغطي جزءاً مهماً من الطلب على الطاقة الحرارية والكهربائية في البلاد، ويُترجم اقتصادياً إلى:

• طاقة حرارية تعادل نحو ٢٥ مليار ك·و·س سنوياً.
• استبدال ما يقارب ٢.٧ مليار لتر من المازوت سنوياً.
• إنتاج مئات ملايين الأطنان من السماد العضوي عالي القيمة الزراعية.

الجزء الأكبر من هذه الإمكانات يأتي من روث الحيوانات والمخلفات الزراعية، إلى جانب النفايات المنزلية العضوية وحمأة محطات معالجة الصرف الصحي، ما يعني أن الريف والقطاع الزراعي هما محور أساسي لأي استراتيجية عملية في هذا المجال.

يتقاطع ملف الغاز الحيوي في سوريا بين عدة وزارات ومؤسسات ومنظمات دولية، من أبرزها:

• وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي: من خلال مشاريع المباقر، القرى التنموية، وبرامج دعم صغار المربين.
• وزارة الكهرباء (المركز الوطني لبحوث الطاقة وصندوق دعم الطاقات المتجددة): عبر التجارب البحثية وتمويل الهواضم المنزلية والقروية بقروض ميسرة دون فائدة.
• وزارة الإدارة المحلية والبيئة: في سياق إدارة النفايات الصلبة ومكبات القمامة ومحطات الصرف الصحي.
• أكساد، الفاو، والإيفاد: كشركاء دوليين في التمويل، نقل التقنية، وبرامج التنمية الريفية المستدامة.

على مستوى السياسات، تشكل استراتيجية الطاقات المتجددة حتى ٢٠٣٠، وقانون دعم استخدام الطاقات المتجددة، والمساهمات الوطنية للمناخ (NDC)، إطاراً عاماً يمكن إدماج الغاز الحيوي ضمنه كأداة لخفض الانبعاثات وتحسين إدارة النفايات وتعزيز أمن الطاقة والغذاء.

من منظور تصميم السياسات، ما زال المجال مفتوحاً لتحسين الإطار التنظيمي عبر:

• وضع مواصفات قياسية واضحة لمعدات الغاز الحيوي.
• إقرار تعرفة مجدية لشراء الكهرباء المنتجة من البيوغاز.
• تضمين متطلبات معالجة المخلفات في تراخيص المداجن ومزارع الأبقار الكبيرة.
• دمج مشاريع الغاز الحيوي ضمن برامج التمويل المناخي الدولية.