تطورات الطاقة في سورية منذ بداية 2025 حتى يونيو 2025

شهد قطاع الطاقة في سورية خلال النصف الأول من عام 2025 تطورات مهمة، مدفوعة بجهود إعادة الإعمار، رفع العقوبات الدولية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي. جاءت هذه التطورات في ظل تحديات مزمنة يواجهها القطاع، حيث تضررت أكثر من 70% من البنية التحتية للطاقة منذ عام 2011، مما أدى إلى انخفاض القدرة التوليدية للكهرباء إلى حوالي 3000 ميغاواط مقارنة بـ 9000 ميغاواط قبل الأزمة. فيما يلي نظرة شاملة على أبرز التطورات في هذا القطاع خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2025.

1. رفع العقوبات وتحسين الإمدادات

في مايو 2025، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية، بما في ذلك تلك المتعلقة بقطاع الطاقة. هذا القرار سهّل استيراد قطع الغيار اللازمة لصيانة محطات توليد الكهرباء وتأمين الوقود بشكل أكثر استقراراً. كما أتاح رفع العقوبات للدولة عقد صفقات مباشرة عبر البنك المركزي السوري لاستيراد النفط والغاز، بدلاً من الاعتماد على وسطاء، مما قلل التكاليف وزاد الكفاءة. ونتيجة لذلك، تحسنت ساعات التغذية الكهربائية تدريجياً من 2-4 ساعات يومياً إلى 6 ساعات في بعض المناطق، خاصة في الأرياف، مع توقعات بزيادة إلى 12-16 ساعة بحلول منتصف 2026.

2. اتفاقيات الطاقة الدولية

شهدت سورية توقيع اتفاقيات طاقة استراتيجية مع دول وشركات دولية. في يونيو 2025، وقّعت الحكومة السورية اتفاقية بقيمة 7 مليارات دولار مع تحالف يضم شركات أمريكية، قطرية، وتركية، بهدف إعادة تأهيل قطاع الطاقة وتوليد 5000 ميغاواط إضافية. تضمنت الاتفاقية إنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط في وديان الربيع جنوب سورية، وهي الأكبر من نوعها في البلاد، بالإضافة إلى إعادة تأهيل “الخط الخماسي” لتوريد 400 كيلوواط من تركيا. كما أُعلن عن خطط لربط شبكة الكهرباء السورية مع الأردن والسعودية، مما يعزز استقرار الإمداد الكهربائي.

وفي سياق متصل، وقّعت سورية اتفاقية مع تركيا لاستيراد 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً، مما يتيح توليد أكثر من 1200 ميغاواط، وزيادة ساعات تشغيل الكهرباء من 3 إلى 4 ساعات يومياً. كما أعلنت قطر عن مبادرة إنسانية عبر صندوق قطر للتنمية لتزويد سورية بالغاز الطبيعي، مما ساهم في زيادة معدلات التوليد الكهربائي إلى 6 ساعات يومياً في بعض المناطق.

3. التحول نحو الطاقة المتجددة

حظي التحول نحو الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، بزخم كبير. في يونيو 2025، تصدرت سورية قائمة أكبر 5 صفقات طاقة متجددة في المنطقة بفضل اتفاقية مع شركة “سولار إنرجي” الأمريكية لبناء محطتي طاقة شمسية بقدرة 100 ميغاواط لكل منهما، إحداهما مزودة ببطاريات لتخزين الكهرباء. تتميز سورية بإمكانات طبيعية كبيرة، مثل الإشعاع الشمسي العالي في البادية السورية، التي تسجل أكثر من 300 يوم مشمس سنوياً، مما يجعلها موقعاً مثالياً لمزارع الطاقة الشمسية.

كما انخفضت أسعار ألواح الطاقة الشمسية بشكل ملحوظ منذ بداية 2025، حيث تراجع سعر لوح “Trina 705w-bifacial” من 250 دولاراً إلى 100 دولار، وانخفضت تكلفة بطاريات الليثيوم مثل “FELICITY 200/24” من 750 دولاراً إلى 570 دولاراً. هذا الانخفاض، إلى جانب إلغاء الضرائب العالية على استيراد الألواح، شجع الأفراد والمصانع على الاعتماد على الطاقة الشمسية كبديل للشبكة الكهربائية.

4. تحديات مستمرة

رغم هذه التطورات، لا تزال سورية تواجه تحديات كبيرة. تشمل هذه التحديات نقص التمويل والخبرات الفنية، واستمرار الأضرار في البنية التحتية، خاصة في المناطق الشرقية والشمالية. على سبيل المثال، تأثرت محطات توليد الكهرباء في الحسكة والرقة بسبب انخفاض منسوب مياه نهر الفرات نتيجة سياسات تركيا في حبس المياه، مما أدى إلى توقف بعض السدود مثل سد الفرات عن العمل مؤقتاً. كما أن ارتفاع تكاليف الطاقة مقارنة بالدول المجاورة يؤثر على تنافسية الصناعة السورية، مما دفع العديد من المصانع إلى تقليص الإنتاج أو الإغلاق.

5. إجراءات داعمة

اتخذت الحكومة السورية إجراءات لتحسين الوضع، منها خفض تعرفة الكهرباء بنسبة 21% (من 1900 إلى 1500 ليرة سورية للكيلوواط الساعي) بدءاً من أبريل 2025، مما خفف الأعباء عن القطاعات الصناعية والزراعية. كما واصلت تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال إنشاء صندوق دعم الطاقات البديلة، رغم توقف بعض القروض المرتبطة به مؤقتاً.

الخلاصة

يمثل النصف الأول من عام 2025 نقطة تحول في قطاع الطاقة السوري، مع تحسن ملحوظ في الإمدادات، توقيع اتفاقيات دولية، وتوسع في استخدام الطاقة المتجددة. ومع ذلك، تبقى التحديات التمويلية والتقنية عقبات رئيسية. يعتمد استمرار هذا التقدم على استقرار الأوضاع الأمنية، تعزيز التعاون الإقليمي، وتطوير الكوادر الفنية لضمان الاستدامة

Leave A Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *