تعتبر سورية من الدول التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على قطاع الطاقة، حيث يشكّل استهلاك الكهرباء والوقود أحد المؤشرات الأساسية على النشاط الاقتصادي والتنموي. ووفقًا لبيانات وزارة الكهرباء والتقارير الدولية، فقد شهد استهلاك الطاقة في سورية تغيرات ملحوظة خلال السنوات الأخيرة نتيجة لعوامل اقتصادية، ديموغرافية، وتقنية.
ما المقصود بالطلب على الطاقة؟
الطلب الأوّلي على الطاقة هو إجمالي الطاقة التي تحتاجها البلاد قبل تحويلها إلى منتجات نهائية (كهرباء، وقود للنقل، حرارة صناعية…). لذلك فهو أوسع من مجرد استهلاك الكهرباء، ويشمل النفط والغاز والمياه (كهرومائية) والمتجدّدات ضمن ميزان طاقة واحد.
كيف كان يتوزّع الاستهلاك النهائي للطاقة قبل الحرب؟
في 2010 كان التوزيع التقريبي: النقل 39%، الصناعة 32%، المنازل 20%، الزراعة 6%، التجاري 2%، الحكومي 1%. هذا يفسّر لماذا تؤثر حركة النقل والنشاط الصناعي كثيراً في إجمالي الطلب، وليس الكهرباء وحدها.
أرقام وحقائق
إجمالي الاستهلاك السنوي
110 غيغاواط ساعة
أعلى قطاع استهلاكاً:
قطاع النقل بنسبة 31.8%
متوسط استهلاك الفرد
مايقرب من 1500 كيلووات/ساعي سنوياً
معدل النمو السنوي للاستهلاك
25% على أساس سنوي
الطلب على الطاقة في سوريا (الحالة المرجعية)
ماذا يوضح «الطلب على الطاقة» في سوريا؟
هذا الرسم يبين كيف تتزايد حاجة سوريا للطاقة بجميع صورها (نفط، غاز، كهرباء، كهرومائي ومتجدّد) مع الزمن. يبدأ المسار عند نحو 25 مليون طن مكافئ نفط في 2010، ويصل — ضمن السيناريو المرجعي — إلى حوالي 53.5 في 2030. الفكرة بسيطة: مع نمو السكان والاقتصاد وحركة النقل والصناعة، يكبر الطلب الكلي على الطاقة، وليس الكهرباء وحدها.
كيف نقرأه عملياً؟
- خط صاعد = أنشطة أكثر (نقل، مصانع، خدمات) وحياة يومية تتطلب طاقة أكبر. يقود الارتفاع خصوصاً قطاع النقل والقطاع الصناعي ثم الاستهلاك المنزلي.
- هو مؤشر “شمولي”: يعكس الطاقة قبل تحويلها لمنتجات نهائية؛ لذا قد ترى فرقاً بين هذا المسار وبين أرقام الكهرباء المباعة وحدها.
معلومة مهمة للقارئ: هذه قيم مرجعية بُنيت على افتراض استمرار النمو وتحسن الكفاءة. الواقع بعد 2011 شهد صدمات في الوقود والتوليد والشبكات، فتراجع الاستهلاك الفعلي للكهرباء عن مستويات ما قبل الحرب. لذا يُستخدم هذا الرسم كـخط أساس للتخطيط والمقارنة، وليس وصفاً دقيقاً للوضع الراهن.
خلاصة: كلما ارتفع الخط، اتسعت احتياجات البلاد من الطاقة لتلبية النقل والإنتاج والخدمات والمنازل. قراءة الرسم تساعد على تقدير حجم الفجوة بين الطلب والإمداد وتحديد أين نحتاج استثمارات وكفاءة أعلى في السنوات المقبلة.
الكهرباء كمؤشّر على “الوصول للطاقة”
- نصيب الفرد من الكهرباء ارتفع من 938 ك.و.س/فرد (2000) إلى 1,521 ك.و.س/فرد (2010)، ما يعكس توسّع الوصول قبل الحرب.
- بعد 2011 تراجع الوصول بشكل حاد: في 2021 أصبح نصيب الفرد نحو 15% فقط من مستوى 2010، نتيجة صدمات الوقود والتوليد والشبكات.
ملاحظة: الطلب الأوّلي على الطاقة أوسع من الكهرباء؛ لذا قد ترى فرقاً بين مسار الطلب الكلي ومسار الكهرباء المباعة وحدها.
الطلب على الطاقة الأولية في سوريا (الحالة المرجعية)
استهلاك الكهرباء للفرد
ماذا يعني “استهلاك الكهرباء للفرد”؟
التعريف ببساطة: كمية الكهرباء التي يحصل عليها كل شخص خلال سنة، بوحدة كيلواط ساعي/فرد. نحسبها بقسمة إجمالي الكهرباء المتاحة للمستهلكين على عدد السكان.
لماذا يهم؟ لأنه يعكس مدى وصول الناس للكهرباء وجودتها. كلما ارتفع الرقم، كان الوصول أفضل والخدمات اليومية (إنارة، تبريد/تدفئة، اتصالات…) أكثر استقراراً. وعندما ينخفض، فهذا يعني عادةً نقصاً في الإمدادات أو تقنيناً أطول.
كيف نقرأ المخطط؟الخط الصاعد = توفر أكبر للكهرباء وتحسن في الحياة اليومية والاقتصاد.
الخط الهابط = قيود في الإنتاج أو الوقود أو الشبكات تؤدي إلى ساعات تغذية أقل.
ملاحظة مهمة: هذا المؤشر لا يخبرنا كيف تتوزع الكهرباء بين الناس، وقد لا يشمل ما يُنتج خارج الشبكة (مولدات خاصة أو طاقة شمسية منزلية) إذا لم تُسجَّل رسمياً.
ماذا يعني ذلك لسوريا؟ إذا رأيت انخفاضاً كبيراً في السنوات الأخيرة، فالأمر يرتبط غالباً بمشكلات العرض (وقود، محطات، شبكة) أكثر من كونه تغييراً في رغبة الناس بالاستهلاك. يتحسن المؤشر عندما تتحسن القدرة على التوليد، تنخفض خسائر الشبكة، وتتوسع الحلول المتجددة اللامركزية.
استهلاك الكهرباء للفرد (كيلوواط ساعي/فرد)
ماذا حدث أثناء/بعد الحرب؟ أثر مباشر على “الطلب المُلبّى”
تراجعت القدرة المتاحة وتكاثرت ساعات التقنين، وتحوّل جزء من الاستهلاك إلى مولدات خاصة وأسواق بديلة (اشتراكات بالأمبير بكلفة تقارب 2 دولار/أمبير وتحتاج الأسرة عادةً 3–4 أمبير لتغطية الأساسيات). هذا يعكس فجوة بين ما يحتاجه الناس وبين ما تلبيه الشبكة.
انخفض إجمالي إنتاج الكهرباء إلى 24,959 جيغاواط ساعي في 2020 (أقل بنحو 45% من 2011)، ما يضغط على تلبية الطلب الفعلي.
عناصر بنيوية تؤثر بالطلب المُتاح (وليس الحاجة فقط)
فاقد الشبكة والاحتياجات الذاتية للمحطات: في 2010 بلغ فاقد النقل/التوزيع 23.7% واستخدام المحطات الذاتي 11.4%—أرقام مرتفعة تقلّص ما يصل للمستهلكين حتى لو بقيت الحاجة مرتفعة.
السياسات التسعيرية قبل الحرب: تعرفة منخفضة للشرائح المنزلية الدنيا ودون “رسوم ثابتة” شجّعت الانتشار السريع للاستهلاك المنزلي (نظام الشرائح وتعرفة بأوقات الذروة للصناعة/التجارة تبدأ عند الغروب). هذا يسهم في تشكيل الطلب على الكهرباء ضمن الميزان الكلي للطاقة.
تعقيدات الإمداد بالوقود: تقلّبات أسعار الغاز والفيول والديزل وتوفرها محلياً أو بالاستيراد أثّرت في تشغيل المحطات وقدرتها على تلبية الطلب.
المورد الكهرومائي موسميّ: إنتاج السدود أعلى شتاءً وأدنى صيفاً (وقت ذروة الطلب)، ما يزيد حساسية تلبية الطلب لتغيرات المياه.
مصادر
Alwazah, I., Nasyrov, R. R., & Aljendy, R. (2020). Analysis of the Performance of Syrian 400kV Electrical Network. 2020 International Ural Conference on Electrical Power Engineering (UralCon). IEEE. https://doi.org/10.1109/UralCon49858.2020.9216307
Amer, R., & Abou Hamed, F. (2012). Reality and Prospects of Wind Power in Syria. Energy Procedia, 19, 55–62. https://doi.org/10.1016/j.egypro.2012.05.182
TEPSCO (Tokyo Electric Power Services Co., Ltd.) & JICA (Japan International Cooperation Agency). (2012). Study for Updating Syrian Electricity Sector in Syrian Arab Republic (Progress Report). Tokyo: TEPSCO/JICA.
TEPSCO & JICA. (2012). Study for Updating Syrian Electricity Sector in Syrian Arab Republic (Final Report), Chapter 6: Tariff System. Tokyo: TEPSCO/JICA.
حتاحت، س.، وشعار، ك. (2021). قطاع الكهرباء في سوريا بعد عقد من الحرب: تقييم شامل. فلورنسا: معهد الجامعة الأوروبية (European University Institute)، برنامج Middle East Directions (WPCS).
Karaki, S., Chedid, R., Chaaban, F., & Mezher, T. (2005). Second Report on UNDP Generic Component: Networking and Outreach Activities in Jordan-Lebanon-Syria for Energy Access II. Beirut: Energy Research Group, American University of Beirut.
تقرير الطاقة المتجددة في سوريا (ملف تجميعي غير منشور، بالعربية). (بدون تاريخ نشر). Internal compiled memo.