الانبعاثات في سورية – الواقع، المصادر، والتوجهات المستقبلية
تواجه سورية، على غرار العديد من دول العالم، تحدشيات بيئية متزايدة نتيجة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO₂) الناجمة عن الأنشطة الاقتصادية والصناعية وقطاع الطاقة. يعد فهم حجم هذه الانبعاثات ومصادرها خطوة أساسية لتطوير سياسات فعّالة للحد من تأثيرها على المناخ والصحة العامة، خاصة في ظل الالتزامات الدولية مثل اتفاق باريس للمناخ وأهداف التنمية المستدامة. الانبعاثات الغازية، وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون (CO₂) والميثان (CH₄) وأكسيد النيتروز (N₂O)، هي الناتج المباشر لحرق الوقود الأحفوري والأنشطة الصناعية والزراعية. هذه الغازات تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة العالمية، وبالتالي تغيّر أنماط المناخ، وازدياد شدة الظواهر الجوية المتطرفة، وتهديد النظم البيئية والتنوع الحيوي.
في الشرق الأوسط، حيث يشكل النفط والغاز العمود الفقري لاقتصادات المنطقة ومصادرها الأساسية للطاقة، تبقى الانبعاثات مرتفعة نسبيًا رغم التباين بين الدول. ويزداد التحدي مع النمو السكاني والتوسع العمراني والصناعي، ما يجعل الانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة وتحسين كفاءة الاستهلاك خطوات أساسية لتقليل الأثر البيئي وضمان استدامة الموارد.
تاتي الإنبعاثات في سورية في المرتبة 78 عالمياً كـ اكبر بلد مصدر للإنبعاثات , وبالأرقام تمثل انبعاثات سورية بالنسبة إلى الانبعاثات العالمية 0.11% وهو رقم ضئيل نسبياً ولكنه لايزال مرتفعاً مقارنةً ببقية الدول .(Climate watch data).
وبحسب دراسات أكاديمية (2) :
الوضع الراهن لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في سورية
وفقاً لأحدث بيانات مشروع الكربون العالمي (Global Carbon Project) لعام 2023، بلغ إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في سورية نحو 24.88 مليون طن متري سنوياً، موزعة على عدة مصادر رئيسية:
المصدر | الانبعاثات (مليون طن CO₂) |
---|---|
الفحم | 0.01 |
النفط | 16.44 |
الغاز الطبيعي | 6.15 |
العمليات الصناعية الأخرى (الإسمنت، الأسمدة) | 2.91 |
تغيّر استخدام الأراضي | -0.63 (امتصاص صافٍ) |
الإجمالي | 24.88 |
التحولات التاريخية في الانبعاثات
مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية – الطفرة الصناعية
شهدت سورية نمواً صناعياً كبيراً بعد الحرب، مع توسع قطاعات مثل الإسمنت والنسيج، مما رفع استهلاك الوقود الأحفوري وزاد الانبعاثات بشكل ملحوظ.
هيمنة النفط خلال العقود الأخيرة
منذ السبعينيات، كان النفط المصدر الأساسي للطاقة والانبعاثات، حيث ارتبطت زيادته بفترات ازدهار الإنتاج المحلي والأحداث الإقليمية مثل أزمات النفط.
تأثير الصراع السوري (2011 – حتى اليوم)
أدت الحرب إلى تراجع النشاط الصناعي والزراعي، ما انعكس على الانبعاثات، لكن جهود إعادة الإعمار في السنوات الأخيرة أعادت رفع مستويات الاستهلاك الطاقي والانبعاثات.
المساهمة الصناعية غير الطاقية
تشمل عمليات إنتاج الإسمنت والأسمدة وغيرها من الصناعات التي تطلق كميات ثابتة نسبياً من ثاني أكسيد الكربون.
أهمية تتبع الانبعاثات
إعداد سياسات مناخية دقيقة مبنية على بيانات واقعية.
تسريع التحول نحو الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
تحقيق أهداف خفض الانبعاثات ضمن الاتفاقيات الدولية.
حماية الصحة العامة من تأثيرات التلوث الناتج عن حرق الوقود الأحفوري.
التوجهات والاستراتيجيات المستقبلية لخفض الانبعاثات في سورية
لضمان مستقبل منخفض الكربون، تحتاج سورية إلى اتباع مجموعة من الخطوات والسياسات:
التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة
استغلال الإمكانات الكبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية لتوليد الكهرباء النظيف.
تحسين كفاءة استهلاك الطاقة
في المباني السكنية والتجارية والصناعة، عبر تحديث الأجهزة والمعدات واعتماد تقنيات توفير الطاقة.
تطوير قطاع النقل المستدام
دعم النقل العام الكهربائي، وتشجيع السيارات الهجينة والكهربائية، وتطوير البنية التحتية اللازمة لها.
إدارة الأراضي والغابات
التوسع في برامج التشجير وحماية الغابات لتعزيز امتصاص الكربون، والحد من إزالة الغابات.
إعادة هيكلة تسعير الطاقة
من خلال إصلاحات في نظام التعرفة لدعم كفاءة الاستهلاك وتشجيع الطاقة النظيفة.
2- Wang, Q., Li, R., Hu, S., & Su, M. (2023). Prolonged war reverses carbon emissions from an early decline to a late increase – Evidence from Syria. Journal of Environmental Management, 345, 118935. https://doi.org/10.1016/j.jenvman.2023.118935
انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية
الجمهورية العربية السورية (1931-2023)
-
أعلى انبعاثات (مليون طن)
-
الانبعاثات الحالية (مليون طن)
-
نطاق البيانات (سنة)