شهدت محافظة دير الزور خطوة نوعية بإعلان تسلّم شركة UCC الدولية موقع إقامة محطتين لتوليد الطاقة؛ الأولى كهروضوئية على مساحة 4000 دونم، والثانية غازية مركبة على مساحة 800 دونم في منطقة حقل التيم جنوب المحافظة. المشروع يأتي كجزء من الاتفاقية الكبرى للطاقة الموقعة بين وزارة الكهرباء السورية ومجموعة شركات دولية في أيار الماضي بقيمة 7 مليارات دولار، والتي تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية الكهربائية وتوسيع الاستثمار في مصادر الطاقة المختلفة.
من المتوقع أن توفر هذه المحطات 1500 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة لأبناء المنطقة، إضافة إلى تدريب وتأهيل كوادر محلية جديدة. المرحلة الأولى من التنفيذ تشمل إنشاء سواتر ترابية وسور بيتوني وبوابات دخول بعد استكمال أعمال المسح الطبوغرافي.
البعد السياسي–الاقتصادي
إطلاق المشروع في دير الزور يحمل أبعاداً استراتيجية تتجاوز حدود الطاقة. فهو يرسل رسالة سياسية عن عودة الدولة إلى مناطق الشرق ذات الثقل الاقتصادي والطاقوي، ويهدف إلى طمأنة المجتمع المحلي والمستثمرين الخارجيين بأن هذه المناطق تدخل مجدداً في دائرة التنمية. كما أن إدراج المشروع ضمن الاتفاقية الكبرى يعكس محاولة الحكومة السورية جذب استثمارات خارجية طويلة الأمد في قطاع الطاقة، بما يعزز من موقعها التفاوضي إقليمياً ودولياً.
الأهمية الطاقوية
إجمالي القدرة المتوقعة من المحطتين يصل إلى 750 ميغاواط، وهو رقم يعادل نحو ثلث الاستطاعة الفعلية المتاحة اليوم على الشبكة السورية (2000–2500 ميغاواط فقط مقابل طلب يتجاوز 6000 ميغاواط).
إدخال محطة كهروضوئية إلى جانب الغازية يؤكد توجه نحو تنويع المزيج الطاقوي، خاصة أن مساهمة الطاقة المتجددة ما زالت متواضعة ولا تتعدى 5% من الإجمالي.
المشروع يمثل اختباراً عملياً لقدرة سوريا على تنفيذ التزامات الاتفاقية الكبرى وتجاوز تحديات التمويل، العقوبات، والبنية التحتية المتضررة.
تحديات أمام التنفيذ
التمويل: رغم ضخامة الاتفاقية، يبقى تدبير التمويل الفعلي وتنفيذه على مراحل عاملاً حاسماً.
البنية التحتية: شبكة النقل والتوزيع تعاني من خسائر فنية وغير فنية تتجاوز 25%.
العقوبات والمناخ الاستثماري: استمرار القيود على الاستيراد والتكنولوجيا قد يرفع الكلفة أو يؤخر التنفيذ.
قراءة استراتيجية
هذه المشاريع ليست مجرد منشآت طاقة جديدة؛ بل هي جزء من خارطة طريق أكبر لإعادة هيكلة قطاع الكهرباء السوري عبر مزيج يجمع بين الاستقرار السريع الذي تمنحه المحطات الغازية، والانفتاح على المستقبل عبر إدخال مصادر متجددة. لكن نجاح الاتفاقية البالغة 7 مليارات دولار يتوقف على إرادة سياسية مستمرة، وإصلاحات هيكلية في سياسات الدعم والتعرفة، وضمان بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي.