منذ مطلع هذا العام، بدأت سورية برسم مسار جديد في ملف الطاقة بعد سنوات من الانقطاع والتقنين الطويل. ومع تولي وزارة الطاقة الجديدة مهامها، انطلقت سلسلة من الاتفاقيات التي تعكس محاولة جادة لإعادة التوازن إلى إنتاج الكهرباء.
الخطوة الأولى: الغاز من تركيا
في بداية شهر مايو/أيار من عام 2025 تم الإعلان عن اتفاق لتوريد 6 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً. هذه الكمية ساعدت في رفع إنتاج الكهرباء بنحو 30 – 35 مليون كيلوواط ساعي يومياً، وهو ما شكل بداية ملموسة لتقليص الفجوة الكبيرة في التغذية الكهربائية.
الخطوة الثانية: مشروع الكهرباء مع UCC Holding
بعد فترة قصيرة، ,وفي 29 مايو/أيار تم توقيع عقد ضخم مع شركة UCC HOLDING لتأمين 5000 ميغاواط من الكهرباء، بينها 1000 ميغاواط من الطاقة الشمسية. عند دخوله حيز التنفيذ، سيضيف المشروع أكثر من 120 مليون كيلوواط ساعي يومياً، ليكون ركيزة أساسية لاستقرار الشبكة على المدى المتوسط.
الخطوة الثالثة: الغاز الأذري
ابتداءً من 2 آب، بدأت سورية باستقبال 3.4 ملايين متر مكعب يومياً من الغاز الأذري، ما يعادل نحو 900 ميغاوات/ساعي يومياً، مضيفاً مصدر توريد جديد يعزز التنويع ويقلل الاعتماد على مسار واحد.
الخطوة الرابعة والأحدث: اتفاقية النقاش القابضة
جاء الإعلان الأخير في 21 آب/أغسطس عن توقيع عقد مع شركة النقاش القابضة التركية لتوريد 1.6 مليون متر مكعب من الغاز يومياً. ورغم أن الكمية أصغر من الاتفاقيات السابقة، إلا أنها تترجم إلى إنتاج إضافي يقارب 8 – 9 مليون كيلوواط ساعي يومياً. و وّقع الاتفاقية عن الجانب السوري معاون وزير الطاقة والمدير العام للإدارة العامة للنفط غياث دياب وعن الجانب التركي مدير التخطيط والتمويل باتوهان ألكان
لماذا هذه الاتفاقية مهمة؟
زمنياً: جاءت في مرحلة حرجة، لتغطية فجوة آنية في الإمدادات.
نوعياً: أول عقد مباشر مع شركة تركية خاصة، ما يفتح المجال لتعاون أوسع مع القطاع الخاص.
عملياً: تضيف إنتاجاً سريعاً يعادل تغذية عدة مدن متوسطة يومياً بالكهرباء.
رمزياً: تمثل استمرار النهج السوري في تنويع الشركاء وتوسيع قنوات الاستيراد.
خلاصة المشهد
بتتالي هذه الاتفاقيات، قفز الإنتاج النظري للكهرباء في سورية من بضعة عشرات من ملايين الكيلوواط ساعي يومياً إلى أكثر من 170 مليون كيلوواط ساعي يومياً عند اكتمال التنفيذ. لكن الأهم أن الاتفاقية الأخيرة مع “النقاش القابضة” تؤكد أن دمشق لم تعد تنتظر المشاريع الكبرى فقط، بل تبحث أيضاً عن حلول مرنة وسريعة لتقليل التقنين وتحسين الاستقرار الكهربائي يوماً بيوم.